غـراب غـريب بـين صقـور بـيتـنا الـقـريـب بقـلم : مايكـل سـيـپـي / سـدني
صفحة 1 من اصل 1
غـراب غـريب بـين صقـور بـيتـنا الـقـريـب بقـلم : مايكـل سـيـپـي / سـدني
كـنتُ راجعاً من أمسية سعـيـدة ضمتْ أصدقاءاً لـنا غابـوا زمناً بـين طيات العـمر ، ورفاقاً تجـمعُـنا معـهم هـموم هـذا الـدهـر ، فإستـلقـيتُ عـلى الأريكة يأخـذني النعاس فـيُـطبق الجـفـون تارة ويُغـمِض العـيون ، وتارة أخـرى تـثيرني الخـواطر والشجـون ، ومن شـدة الغـبطة ترتـقي حـتى الجـنون ، وتجـنباً لمتاهات الـظـنون ، كان لا بـد لي أخـيراً من راحة الـنوم الحـنون ، فـفي الغـد مطـلوب منا عـمل بهمّة ودقة وفـنون .
1- وأنا في غـمرة الـنوم هـذه ، أخـذني حـلمٌ جـميل
2- رأيتُ نـفـسي في لـقاء مع صديقي خـليل يحكي لي عـن حـلمه الـدليل
3- رأى فـيه زميله نبـيل ، يروي له قـصة قـرأها في كـتاب :
(( المرام في عـرس أصحاب المقام ، وخـمسة أيام في جـنان السادة الـكـرام ))
قال الزميل نبـيل (3) في قـصته : حـلـقـتْ طـيور فـوق بحار الأحـياء ، وأخـرى طارت في أعالي السماء ، وغـيرها قـطـعـتْ مسافات في الصحـراء لـتجـتمع في حـديقة فـيحاء ، فـجاءت الـصقـور والـنسور بكـل حـبور ، إلى بستان سياجه أقـوى من الصخـور تـفـوح منه العـطـور ، تملؤه الأوراد والزهـور ، بابها مصنوع من خـشب الأبانوس يوحي بالسرور ، لا تـنـفـذ منه الزواحـف ولا الحـشرات ولا الطفـيليات فـليس فـيه نخـور
وواصَل نبـيل (3) قـصته يحكي ، لصديقي (2) الحالم خـليل ، وأنا (1) في نومي وحـلمي الجـميل قائلاً : أن صقـراً مهيـباً من فـصيلة راقـية منبعه جـليل ، كانت له رغـبة أن يطير ليحـضر ويضفي عـلى الـبستان هـيـبة ، إلاّ أنَّ هـبوب الرياح والـثـلوج عاكـسته وسبَّـبتْ له خـيـبة .
ولكـن من غـرائب الأمور كان في الـدنيا ضباب وتـوقـعـوا أمطاراً ، فـشاءت الأقـدار لغـراب غـدّار ، مُمَرغـل في نـفايات الأنـقاض والغـبار ، إقـتـربَ من تلك الأطـيار وإتـكأ كـذليل عـلى جـدار ، فـتحـنـَّـن عـليه الـبوّاب يحـميه من الأقـدار ووضع في منـقاره ورقة شجـرة تأشيرة المرور بوقار ، فأدخـله بـين الجـماعة ليجـثم بـين الزوّار .
صارت الصقـور تبحـث في شأن أرض الـقـطـبَـين وبرودة ثـلوجها والغابات الإستـوائية ومناخها والمَزارع وقـلة غـلتها ، فإشـتكـتْ الغابات من ضوضاء بـبغاواتها والمزارع من جـفاف أراضيها والـدوائر الـقـطـبـية من هـبوب عـواصفها ، فـردَّتْ الـنـسور وقالت :
يا معـشر الـطـيـور ، ما ضوضاء الـبـبغاوات إلاّ غـناء للأشجار الباسقات ، وأما شـحّة الغلات فـوراءها العـصافـير اللاقـطات ، ولكـن عاصفة الـثلوج تـسبـبها الطـيور التي تسبح وتمرح في بحار الـقـطـبـيات .
فـقال الصقـر : أي الطـيور تسكـن في تلك القاصيات ؟ فأجاب النسر : ألم تسمع بطـير لا يـطـير بل يسبح عـنـد سواحـل المحـيطات ؟ يمشي عـلى رجـليه يحـرّك جـناحَـيه يتباطأ في مشيه ، قـد تحـسبه من زمرة العـناصر الـثـقـيلات ، لكـنه يعاكس هـذا ويمانع ذاك كأنه من أرباب الكائـنات ، إنه الـبطـريق يخـطـو الهـوينا كالحاملات .
أما الغـراب فـقـد نسيَ حاله الـذي يُـقال عـنه (( مْـتـَـيَّه المشـيَـتين ! )) وظن أنه يجـيـد اللعـب عـلى الحـبلين ، والصقـور تراقـبه بكـلتا العَـينين ، والنسور ترصد فـقـدانَ توازنه وتلعـثمَ صيحاته وتـذبـذبَ ريشِ ذيله ، رأته يقـفـز فـوق تـلة كي يرفع من هـبوطه وصار ينعـب نـَعـيـبَه ، وبعـض ريشه منـتـوف من وجهه وقال :
يا معـشر الصقـور والـنسور ، عـنـدي كـتاب للعـتاب ، ما لـنا ولصقـركم المهـيب ، وما شأنه في الـقـطـبَـين مع بَـطـْـريقـِنا الحـبـيب ! ؟
فإنـتـفـضتْ الـطـيور بوجه الغـراب وقالت له : يا غـريب يا غـراب ، ما لكَ والصقـور الأنجاب ، أنت مبهم الألقاب ولن نسمح لك بهـذا العـتاب ، وما الـذي جاء بك هـنا وبـيـدك هـذا الكـتاب ، ألا تـدري هـذا محـفـل الأحـباب ؟ نحـن رحـمنا بحالك فأكـرِم نـفـسَكَ بنـفـسِكَ ، فـبعـد هـنيهة سـتـكـون لـنا الأنخاب !! ضـُم منقارك القلاّب وإكـتـفِ برحـمة الـبوّاب !!! فـما كان من الغـراب إلاّ وإنسحـبَ في خجله ، وجَـرجَـرَ وراءه ذيله ولن يعـيـدها ثانية في حـياته إذا إستـمرَّ في غـيِّه ، إلاّ إذا أصلح ذاته بـذاته .
1- وأنا في غـمرة الـنوم هـذه ، أخـذني حـلمٌ جـميل
2- رأيتُ نـفـسي في لـقاء مع صديقي خـليل يحكي لي عـن حـلمه الـدليل
3- رأى فـيه زميله نبـيل ، يروي له قـصة قـرأها في كـتاب :
(( المرام في عـرس أصحاب المقام ، وخـمسة أيام في جـنان السادة الـكـرام ))
قال الزميل نبـيل (3) في قـصته : حـلـقـتْ طـيور فـوق بحار الأحـياء ، وأخـرى طارت في أعالي السماء ، وغـيرها قـطـعـتْ مسافات في الصحـراء لـتجـتمع في حـديقة فـيحاء ، فـجاءت الـصقـور والـنسور بكـل حـبور ، إلى بستان سياجه أقـوى من الصخـور تـفـوح منه العـطـور ، تملؤه الأوراد والزهـور ، بابها مصنوع من خـشب الأبانوس يوحي بالسرور ، لا تـنـفـذ منه الزواحـف ولا الحـشرات ولا الطفـيليات فـليس فـيه نخـور
وواصَل نبـيل (3) قـصته يحكي ، لصديقي (2) الحالم خـليل ، وأنا (1) في نومي وحـلمي الجـميل قائلاً : أن صقـراً مهيـباً من فـصيلة راقـية منبعه جـليل ، كانت له رغـبة أن يطير ليحـضر ويضفي عـلى الـبستان هـيـبة ، إلاّ أنَّ هـبوب الرياح والـثـلوج عاكـسته وسبَّـبتْ له خـيـبة .
ولكـن من غـرائب الأمور كان في الـدنيا ضباب وتـوقـعـوا أمطاراً ، فـشاءت الأقـدار لغـراب غـدّار ، مُمَرغـل في نـفايات الأنـقاض والغـبار ، إقـتـربَ من تلك الأطـيار وإتـكأ كـذليل عـلى جـدار ، فـتحـنـَّـن عـليه الـبوّاب يحـميه من الأقـدار ووضع في منـقاره ورقة شجـرة تأشيرة المرور بوقار ، فأدخـله بـين الجـماعة ليجـثم بـين الزوّار .
صارت الصقـور تبحـث في شأن أرض الـقـطـبَـين وبرودة ثـلوجها والغابات الإستـوائية ومناخها والمَزارع وقـلة غـلتها ، فإشـتكـتْ الغابات من ضوضاء بـبغاواتها والمزارع من جـفاف أراضيها والـدوائر الـقـطـبـية من هـبوب عـواصفها ، فـردَّتْ الـنـسور وقالت :
يا معـشر الـطـيـور ، ما ضوضاء الـبـبغاوات إلاّ غـناء للأشجار الباسقات ، وأما شـحّة الغلات فـوراءها العـصافـير اللاقـطات ، ولكـن عاصفة الـثلوج تـسبـبها الطـيور التي تسبح وتمرح في بحار الـقـطـبـيات .
فـقال الصقـر : أي الطـيور تسكـن في تلك القاصيات ؟ فأجاب النسر : ألم تسمع بطـير لا يـطـير بل يسبح عـنـد سواحـل المحـيطات ؟ يمشي عـلى رجـليه يحـرّك جـناحَـيه يتباطأ في مشيه ، قـد تحـسبه من زمرة العـناصر الـثـقـيلات ، لكـنه يعاكس هـذا ويمانع ذاك كأنه من أرباب الكائـنات ، إنه الـبطـريق يخـطـو الهـوينا كالحاملات .
أما الغـراب فـقـد نسيَ حاله الـذي يُـقال عـنه (( مْـتـَـيَّه المشـيَـتين ! )) وظن أنه يجـيـد اللعـب عـلى الحـبلين ، والصقـور تراقـبه بكـلتا العَـينين ، والنسور ترصد فـقـدانَ توازنه وتلعـثمَ صيحاته وتـذبـذبَ ريشِ ذيله ، رأته يقـفـز فـوق تـلة كي يرفع من هـبوطه وصار ينعـب نـَعـيـبَه ، وبعـض ريشه منـتـوف من وجهه وقال :
يا معـشر الصقـور والـنسور ، عـنـدي كـتاب للعـتاب ، ما لـنا ولصقـركم المهـيب ، وما شأنه في الـقـطـبَـين مع بَـطـْـريقـِنا الحـبـيب ! ؟
فإنـتـفـضتْ الـطـيور بوجه الغـراب وقالت له : يا غـريب يا غـراب ، ما لكَ والصقـور الأنجاب ، أنت مبهم الألقاب ولن نسمح لك بهـذا العـتاب ، وما الـذي جاء بك هـنا وبـيـدك هـذا الكـتاب ، ألا تـدري هـذا محـفـل الأحـباب ؟ نحـن رحـمنا بحالك فأكـرِم نـفـسَكَ بنـفـسِكَ ، فـبعـد هـنيهة سـتـكـون لـنا الأنخاب !! ضـُم منقارك القلاّب وإكـتـفِ برحـمة الـبوّاب !!! فـما كان من الغـراب إلاّ وإنسحـبَ في خجله ، وجَـرجَـرَ وراءه ذيله ولن يعـيـدها ثانية في حـياته إذا إستـمرَّ في غـيِّه ، إلاّ إذا أصلح ذاته بـذاته .
michael cipi- عدد الرسائل : 44
الموقع : Australia
تاريخ التسجيل : 09/11/2012
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى