من تراثنا الاصيل .. صناعة خبز الرقاق في تللسقف .........

تحقيق / خلود فريد
خبز الرقاق . رمز من رموز حضارة شعبنا وعلى مر العصور .. نعم انه خبز الرقاق الذي تشتهر به جميع قرى ابناء شعبنا على الاطلاق ، تصنعه اياد ماهرة متخصصة بهذا النوع من فنون صناعة الخبز ، حيث الخبرة والفن والارادة تجتمع كلها في عمل هذا الخبز ليكون لنا في النهاية اكلة ذات طعم شهي جدا .. ولأجل تسليط الاضواء على طريقة صنعه قمنا بزيارة خاصة لمنزل الانسة تريزة جبرائيل في تللسقف واجرينا معها تحقيقا خاصا عن تلك الصناعة ومنذ الساعات الاولى للصباح الباكر كي تكون لنا وقفة لنتعرف بها على خطوات عمل خبز الرقاق من الالف الى الياء .. رحبت الانسة تريزا بنا ودعتنا الى الجلوس في منزلها حيث قدمت التهاني بمناسبة الذكرى الاولى لأصدار الجريدة ، وقد اثنت على الصحيفة لكونها الوحيدة التي تقوم باجراء ونشر التحقيقات المستنبطة من واقع الحياة اليومية لتللسقف واهاليها ، ومن ثم بدانا معها الحوار التالي :
س : هل تتطلب صناعة خبز الرقاق طحينا خاصا ؟
ج: ان خبز الرقاق ممكن ان يصنع من أي نوع من انواع الطحين وحسب ما يرغب به الصانع او المستهلك ، فمن يرغبه ناصع البياض وخاصة عند البالغين والشباب ، فيستعمل الطحين الابيض ( صفر) ،ويمكن استعمل الطحين العادي ،والكثير منا الان يفضل الطحين الاسمر او الخشن لأنه خالي من النشويات ،لكونه يعتبر مفيدا جدا لمرضى السكري ، كما ان طريقة حفظه السهلة تجعل منه مرغوبا اكثر بكثير من خبز المائدة العادي اوالصمون بانواعه
س: منذ متى وانت تصنعين خبز الرقاق ..؟ ومن اين اكتسبت تلك الحرفة ..؟ وماذا كنت ترتدين انت والوالدة اثناء العمل ..؟
ج: هذا كان على ايام المرحومة والدتي ومنذ زمن بعيد أي بحوالي 1978 ، حيث كنت اساعدها باخراج الخبز من التنور والذي كان حينها مصنوعا من الطين ونستعمل في سجره الحطب او التبن ، وكانت الوالدة ترتدي زيها المنزلي ( شوقتا ) .. اما انا فكنت ارتدي دشداشة ذات اكمام طويلة وغطاء للراس للحماية من حرارة التنور
س: هل من الممكن ان تخبرينا عن خطوات عمل خبز الرقاق ..؟
ج: ننخل الطحين ونضيف اليه الملح ، كما ان هناك الكثير يرغبونه بالحبة السوداء او الكزبرة لأضافة نكهة خاصة للخبز ، ثم نضيف كمية مناسبة من الماء الى الطحين كي نحصل على عجينة قاسية نوعا ما .. بعدها يقطع الى قطع مستدير بقطر 10 سم ، تسمى ( خلتو خلتو) بحيث يمكن تقسيم الكيلوغرام الواحد الى عشر قطع تقريبا ، بعدها يتم فرد كل قطعة على ( خوانة ) بواسطة شوبك ( كروما ) ،وبعد الشوبك ياي دور النشابة ( كيرا) لأكمال فرد القطعة وجعلها رقيقة جدا بسمك نصف مليمتر تقريبا ويكون قطرها حين ذاك حوالي 60 – 70 سم ، ومن ثم توضع جميع القطع المفرودة احداهما فوق الاخرة بعد ان تطوى على تختة خاصة ،وحين يبلغ عدد القطع حوالي الخمسين ،يتم بعدها سجر التنور الى ان يحمر (يبيض ) وثم يبدا لصق القطع في التنور بواسطة مخدة تسمى ( منزق ) وتكون الفترة الزمنية للبقاء في التنور لا تتجاوز 10 – 15 ثانية فقط لأن خبز الرقاق ينضج بسرعة كبيرة ، وبمجرد خروجه من التنور يطوى على شكل مثلث يسمى ( طية ) .. وبعد انتهاء الخبز يحفظ الناتج في سلة كبيرة تسمى ( بثورا ) لكونها تمرر الهواء بين شعابها فتحفظ الخبز فترة طويلة دون الحاجة الى الثلاجة او المجمدة ,, لذا كان اهلنا يرغبون هذا النوع من الخبز الشهي ، وحين نستعمل هذا الخبز نقوم برشه بكمية مناسبة من الماء لصبح بعد عدة ثواني لينا وسهلا للأستعمال وهو خفيف جدا على المعدة ولا يحدث أي افرازات حمضية تؤدي الى تهيج المعدة لكونه خاليا من الخميرة
س: ما هي الاكلات التي يرتبط تناولها بخبز الرقاق ..؟
ج: للنقاط التي ذكرنا سابقا فهو مرغوب به وفي كل الاوقات ومع جميع الاكلات ، لكن يبقى هناك بعض من الاكلات لا يمكن تناولها الا مع خبز الرقاق مثل ( الدولمة ..وكركر .. وكبتا خورتا ,, وبقوتا . وترخينا وبتيتا شلقتا .( وغيرها من الاكلات الشعبية التي تشتهر بها تللسقف وشقيقاتها .. والكثير من عوائلنا الان يفضلون دائما تناول هذا النوع من الخبز .. لكن صعوبة عمله وعدم معرفة الكثيرات من بناتنا طريقة صنعه فرض على الكثير من العوائل الى عدم استعماله ولجوئهم الى تناول الخبز الجاهز والصمون
اخيرا تناولنا وجبة شهية من هذاالخبز الذي صنعته الانسة نريزا ..حقا انه طيب جدا .. فيا فخرنا بتراث اجدانا منذ اقدم العصور ..